واقع أم مجرد مصادفة؟.. ما لا تعرفه عن الحاسة السادسة لدى البشر

واقع أم مجرد مصادفة؟.. ما لا تعرفه عن الحاسة السادسة لدى البشر

يسمي البعض القدرة العقلية الكبيرة لدى البشر بالحاسة السادسة، وآخرون يسمونها بالحدس أو الذكاء العالي، ولكن هل هي فعلاً موجودة؟

عن ذلك نقل موقع الجزيرة نت، عن صحيفة لوفيغارو الفرنسية، تقريراً للكاتبة ناتالي سابيرو قالت فيه إن “الحاسة السادسة” شيء مدهش لأغلب الناس، فهي عبارة عن معلومات تُفرض علينا من دون وعي ولا يمكن تفسيرها تفسيرا منطقيا.

أما اختصاصية علم النفس الإكلينيكي جان سيود فاكشين، فتقول إن الأمر “ليس فيه أي جانب روحاني”، إذ يعتمد الحدس على التجميع السريع لكمية كبيرة من المعلومات الحسية في لحظة معينة، وهو نوع من المسح يكون في حدود 360 درجة، وفي مستوى أدنى من الوعي.

وتضيف الاختصاصية النفسية: “يتطلب الحدس قدرة كبيرة على التقاط بعض الإشارات الضعيفة الموجودة في بيئتنا. هذا الإدراك الحسي الواسع للغاية، الذي ينتقل بسرعة عالية في دماغنا”.

وتتابع: “يمكن أن يرتبط ذلك بعناصر تم حفظها بالفعل لتكتسب فجأة معنى محددا. وغالبا ما نرفض هذه القناعة العميقة التي تظهر فجأة لأنه يستحيل علينا تفسيرها، على عكس الاستدلال أو الاستنتاج أو التفسير المدروس الذي يأخذ مسارات أبطأ في الدماغ”.

وغالباً ما يتمتع الأشخاص الأكثر ذكاء والأكثر قدرة على معالجة المعلومات بسرعة بالمعدل الطبيعي، بالحدس أو “الحاسة السادسة”، ويسمح لهم ذلك بحل المشكلات بسرعة كبيرة من دون أن يدركوا كيفية التوصل إلى النتائج، حسب الكاتبة.

ويقول مؤسس مدرسة “إريس” للحدس والمسؤول عن عدد من المشاريع البحثية في هذا المجال أليكسيس شامبيون إن “الجيش الأميركي أجرى بحثا لمعرفة ما إذا كانت هناك طريقة لتحسين هذا الحدس؛ وقد توصل إلى أن ذلك ممكن”.

ويختلف شامبيون مع أولئك الذين يعتقدون أن الحدس هو في الغالب مجرد مصادفة، قائلا “عندما نلجأ إلى الحدس لمحاولة تخمين ما هو مخفي تحت صورة مقلوبة رأسا على عقب، على سبيل المثال، تكون فرصتنا في النجاح أكبر مما قد نتوقعه من المصادفة؛ وقد ثبت ذلك إحصائيا”.

وعند الحديث عن الحيوانات، يبدو الحدس أكثر تطورا، حيث استطاعت الفيلة -على سبيل المثال- بقدرتها على إدراك الاهتزازات فوق الصوتية للموجات الزلزالية أن تختبئ وتنجو من إعصار تسونامي الذي ضرب سواحل المحيط الهندي في قارة آسيا عام 2004. ومن المعروف أن لدى الحيوانات حساسية عالية تجاه التغيرات في الضغط الجوي والمجال المغناطيسي.

وحسب الكاتبة، فقد كان يُعتقد منذ وقت طويل أن البشر يفتقرون إلى تلك الحساسية، لكن عالم الجيوفيزياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا جوزيف كيرشفينك أظهر في بحث نشره عام 2016 أنه من خلال تعريض 34 فردا، وضعوا في أقفاص فاراداي، لمجالات مغناطيسية متحركة ذات كثافة أضعف من المجال المغناطيسي للأرض.

و أظهر ذلك مخطط كهربائية الدماغ تفاعله مع الموجات من دون أن يُدركوا ذلك. وهذا يعني أن الإنسان قد يكون حساسا للموجات المغناطيسية، ولكنه فقد قدرته على تفسير إشاراتها بطريقة واعية.

تذكر الكاتبة إن هذا الأمر ما زال يحتاج إلى إثبات علمي، لكن ما نعرفه حاليا هو أنه بالتدريب يستطيع بعض الأشخاص تطوير ملكات حسية جديدة. فعلى سبيل المثال، يتيح تحديد الموقع بالصدى التمييز بين موضع وحجم الأجسام من دون رؤيتها، وذلك بارتداد الموجات فوق الصوتية.

ويؤكد شامبيون أنه “يمكن للجميع تطوير حدسهم. ويتمثل المفتاح الأول في الاهتمام بالأسئلة التي نطرحها على أنفسنا لا شعوريا من خلال العاطفة والرغبة والتحيز وما إلى ذلك، أما المفتاح الثاني فهو أن ننتبه دائما إلى الشعور الذي يظهر فجأة من دون أسباب منطقية، ونفتح له الباب لأن ذلك يزيد احتمالات التأثر به وإدراكه”.

وتقدم فاكشين المفتاح الثالث قائلة “علينا العمل على أن نكون أكثر انتباها لما يخبرنا به الجسد، على الأقل بضع دقائق في اليوم. إنها خطوة أولى أساسية للارتباط بوجه أفضل بالعالم من حولنا”.

 

المصدر : الجزيرة نت – لوفيغارو