موعد ليلة الإسراء والمعراج 2022.. أسباب الرحلة السماوية والدروس المستفادة منها

تحتفل الأمة الإسلامية في أرجاء العالم، اليوم الأحد، بذكرى الإسراء والمعراج، وهي الليلة المعجزة التي أسري فيها بالنبي محمد من بيت الله الحرام إلى بيت المقدس.

يُعرّف الإسراء بأنّه انتقال النبي -عليه الصلاة والسلام- مع جبريل -عليه السلام- ليلاً من البيت الحرام في مكّة المُكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على دابّةِ البُراق، وأمّا المعراج فهو صُعودهما من بيت المقدس إلى السماوات العُلى، وقد ثبت وقوع هذه الحادثة في القُرآن، والسُنّة، وشهادة الصحابة الكرام بذلك، وهي من إكرام الله -تعالى- لنبيّه.

وتبدأ الاحتفالات بليلة الإسراء والمعراج من مغرب اليوم الأحد الموافق 27 شباط/ فبراير (26 رجب) إلى فجر يوم الاثنين الموافق 28 شباط/ فبراير.

ثلاثة أسباب وراء حدوث معجزة الإسراء والمعراج

أكثر علماء السيرة النبوية أكدوا أن حدوث معجزة الإسراء والمعراج كانت قبل الهجرة إلى المدينة بسنة واحدة؛ أي بعد مرور 12 عاما من البعثة، وهي سنوات تعرض خلالها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام لألوان من الاضطهاد والابتلاء شمل الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي.

وكان من ذلك أن قريشا سعت إلى تفعيل سياسة الحصار الاقتصادي لبني عبد مناف والتجويع الجماعي لهم، واتفقوا ألا يدخلوا في أي معاملة مع بني هاشم وبني المطلب حتى يسلّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم للقتل.

وما إن انتهت هذه السنوات العجاف حتى تلاها عام الحزن، الذي حدثت فيه مصيبتان كبيرتان؛ أمَّا الأولى فهي موت أبي طالب، عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسند الاجتماعي له، وأمَّا الثانية فهي وفاة خديجة رضي الله عنها، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم والسند العاطفي والقلبي له.

وقد ازداد رسول الله صلى الله عليه وسلم غمًّا حتى يئس من قريش، وخرج إلى أكبر القبائل بعد قريش وهي قبيلة ثقيف بالطائف؛ رجاء أن يستجيبوا لدعوته وينصروه على قومه، فلم يجد صلى الله عليه وسلم ناصرا أو مؤيدا.

وهنا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ثقيف وقد يئس من خيرهم، وعاد إلى مكة حزينا كسير النفس لم يستطع أن يدخلها إلا في جوار مشرك وهو المطعم بن عدي.

وفي هذه الظروف العصيبة والمحن المتلاحقة؛ في الطائف وفيما سبقها من وثيقة المقاطعة والحصار، ووفاة سَنَدَي الرسول الكريم صلى الله عليه سلم العاطفي والاجتماعي، زوجه السيدة خديجة -رضي الله عنها- وعمه أبي طالب.

في هذه الظروف جاءت معجزة الإسراء والمعراج تثبيتا له صلى الله عليه وسلم ومواساة وتكريما؛ ولتكون بذلك منحة ربانيَّة تمسح الأحزان ومتاعب الماضي، وتنقله صلى الله عليه وسلم إلى عالم أرحب ومجال أطهر، إلى حيث جبريل والملائكة، والجنة وسدرة المنتهى، والقرب من عرش الرحمن عز وجل.

أحداث ليلة الإسراء والمعراج

لم تكن رحلةُ الإسراء والمعراجِ حدثًا عاديًا؛ بل كانت معجزةً إلهيَّة متكاملةً أيَّدَ الله بها نبيَّهُ محمدًا عليه الصَّلاة والسَّلام، ونَصَر بها دعوتَهُ، وأظهَرهُ على قومِه بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ يعجزُ عنها البَشر؛ إذ أسرى بهِ من المَسجدِ الحرامِ في مكَّةَ إلى المسجدِ الأقصى في مدينةِ القدس؛ِ لِيُسرِّيَ عنهُ ما لَقيَهُ من أهلِ الطَّائف، ومن آثارِ دعوتِه، وموتِ عمِّهِ وزوجَتِه، ثمَّ عَرَجَ بِهِ إلى السَّماواتِ العُلى؛ ليريَهُ من آياتِهِ الكبرى، وعن موضِعُ بدايَة الرحلة هناك قولانِ: أوّلهما أن البداية كانت من المَسجِدِ الحَرامِ؛ إذ كانَ رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ نَائِمًا فِي الْحِجْرِ، فَكانَت انطلاقةُ الرِّحلةِ من موضِعه، أما القول الآخر فهو أن بداية الرحلة كانت من بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ.

وتبدأ أحداث رحلة الاسراء – كما يرويها صاحِبُها عليهِ أفضَل الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليمِ – بِقدومِ ثلاثةٍ من الملائكةِ الكِرامِ، بينَهم جبريلُ وميكائيلُ، فجعلوا جَسدَ رسولِ اللهِ لِظهرهِ مستقبِلًا الأرضَ وهو نائم، ثمَّ شقُّوا بطنَهُ، فغسَلوا ما كانَ بهِ من غلٍّ بماءِ زمزمَ، ثمَّ ملؤوا قلبَه إيمانًا وحِكمةً، ثمَّ عَرَضَ له لبنًا وخمرًا، فاختارَ الرَّسولُ الكريمُ اللَّبنَ فشَرِبهُ، فبشَّرهُ جبريلُ بالفِطرة، ثمَّ أركبَهُ جبريلُ دابَّةً يُقالُ لها البُراقُ، فانطَلَق بهِ البُراقُ إلى المسجدِ الأقصى يسوقُهُ جبريل، فأنزَلَهُ طيبَةَ، فصلَّى بها، وأخبرهُ ما يكونُ من هجرتِه إليها، ثمَّ أنزلَهُ طورَ سيناءَ؛ حيثُ كلَّمَ الله موسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى بهِ، ثمَّ أنزَلهُ بيتَ لحم مولِدَ عيسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى فيها، ثمَّ دنا بهِ إلى بيتِ المقدِسِ فأنزَلهُ بابَ المَسجِدِ، ورَبَطَ البراقَ بالحلقةِ التي كان يربط بها الأنبياءُ، ثمَّ دخلَ المسجد ليَلتقي أنبياءَ الله المبعوثينَ قبلَه، فسلَّموا عليهِ، وصلّى بهم ركعتَين.

وبعدها تبدأ أحداثُ رحلة المعراجِ بصعودِ الصَّخرة المُشرَّفة؛ إذ سارَ جبريلُ بالرّسول “صلى الله عليه وسلم” إليها، ثمَّ حملَهُ منها على جناحِهِ؛ ليصعَدَ بهِ إلى السَّماءِ الدُّنيا، ويتجلَّى بها بعدَ أن استفتَح واستأذن، فاطَّلعَ الرَّسولُ على بعضِ أحداثِ السَّماءِ الأولى، ثمَّ ارتقى بهِ جبريل إلى السَّماء الثَّانيةِ، فاستفتحَ، فأُذِنَ لهُ، فرأى فيها زكريا وعيسى بن مريمَ عليهم سلام الله جميعًا، ثمَّ ارتقى به جبريلُ إلى السَّماءِ الثَّالثةِ، فرأى فيها يوسف عليه السَّلام، ثمَّ ارتقى به جبريلُ إلى السَّماءِ الرَّابعةِ وفيها إدريسُ، ثمَّ إلى الخامسةِ وفيها هارون، ثمَّ ارتقى بهِ إلى السَّادسةِ وفيها موسى، ثمَّ إلى السّابعة وفيها إبراهيمُ عليهم صلواتُ الله عليهم جميعًا وسلامه، ثمَّ انتهى بهِ جبريلُ إلى سدرةِ المُنتهى.

تقدَّمَ جبريلُ بالرّسول “صلى الله عليه وسلم” إلى الحِجابِ وفيهِ مُنتهى الخَلق، فاستَلمَهُ مَلَكٌ، وتخلَّفَ عنه جبريل، فارتقى بهِ المَلَكُ حتَّى بَلَغَ العرشَ، فأنطقَهُ اللهُ بالتَّحيَّاتِ، فقال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: (التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ وَالصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ)، وفيهِ فُرِضت الصَّلاةُ خمسينَ صلاةً على النَّبيِّ وأمَّتِهِ كلَّ يومٍ وليلةٍ.

ثمَّ صَحِبهُ جبريلُ فأدخلهُ الجنَّةَ، فرأى من نَعيمها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ثمَّ عرضَ عليهِ النَّارَ، فَنَظَرَ في عذابِها وأغلالِها، ثمَّ أخرجَهُ جبريلُ حتَّى أتيا نبيَّ اللهِ موسى، فأرجَعهُ إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيفَ على قومه في الصلاة، فخفَّفَ عنهُ عشرًا، ثمَّ أرجَعهُ موسى فسألهُ التَّخفيفَ، فخفَّفَ اللهُ عنهُ عشرًا، ثمَّ لم يَزلْ بينَ ربِّهِ وموسى حتَّى جَعلَها الله خمسَ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلَةِ، ثمَّ أرجَعَهُ موسى إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيف، فأعرَض الرَّسولُ عليه الصَّلاة والسَّلامُ عن ذلكَ؛ استحياءً من الله تعالى وإجلالًا، فناداهُ ربُّه: (إنِّي قد فرضْتُ عليكَ وعلى أمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَالْخَمْسُ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي).

وبعدها عادَ بهِ جبريلُ إلى مضجَعِهِ، وكلُّ ذلِكَ حدث في ليلةٍ واحدةٍ.

فضائل ليلة الإسراء والمعراج والدروس المستفادة منها

1- نقطة تحول في طريق الدعوة إلى الله.

2 – إثبات نبوة النبي محمد وصدقها.

3- جزاء صبر رسول الله وثباته على الكفار وأيضا دعم نفسي للنبي بعد وفاة زوجته خديجة، وعمه أبو طالب.

4- تكريم لسيدنا محمد باطلاعه على الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله.

5- إثبات أن النبي محمد هو خاتم الأنبياء بعدما صلى بهم إماما.

6- كشفت مكانة النبي التي لم يحظَ بها أحد من أهل السماوات والأرض.

7- تقديس ورفع مكانة المسجد الأقصى.

8- صلابة أبو بكر وثقته في قائده، فقد دعمه وصدقه حينما كذب بقصته أهل مكة.

9- كانت اختبارًا لصبر المؤمنين وصدقهم في اتباعهم لدعوة الإسلامية، لأنها فوق مستوى العقل البشري.

10- أثبتت أن كل الأنبياء يعبدون الله عز وجل وهم إخوة ودينهم واحد.