من خادم إلى معلم روحاني وصديق ثم ابن عزيز.. قصة شاب مسلم أعجبت به ملكة بريطانيا فتعلمت بسببه لغة الإسلام

من خادم إلى معلم روحاني وصديق ثم ابن عزيز.. قصة شاب مسلم أعجبت به ملكة بريطانيا فتعلمت بسببه لغة الإسلام

عبدول أو عبد الكريم، شاب هندي بدأ حياته خادماً في قصر الملكة فيكتوريا في بريطانيا، فتحول من عبدٍ وخادم إلى معلم روحاني فابن في أحد أعظم امبراطوريات أوروبا.

ورغم أن رئيس الخدم أخبره: “لا تنظر في عين الملكة” إلا أن حماسه القادم من بلاده جعله متلهفًا لرؤية الملكة؛ وحاول لفت نظرها بكل طريقة وقد نجح.

وابتسمت العجوز للشاب الصغير الوسيم – كما وصفته – والذي يبدو عليه البساطة وعدم التكلف كما اعتادت من أسرتها الملكية البريطانية.

وكان هذا كافياً لرئيس الخدم أن يحتفظ بعبدول في القصر خادمًا للملكة، ولكن القدر كان يحتفظ له بمصير أكبر من هذا.

وبعدما رأت الملكة فيكتوريا عبدول أكثر من مرة، وأعجبتها جرأته والحماسة في عينه، طالبت بوجوده جانبها وحده في معظم الأوقات حتى يفتح لها صناديق الرسائل ويساعدها في مهامها اليومية.

وتم استبدال عبدول بمساعدها الشخصي الإنكليزي، والذي شعر بالغضب تجاه عبدول؛ إذ لم ير فيه سوى شاب هندي مسلماً لا ينتمي لهذا القصر، ولكن إصرار الملكة على وجوده بجوراها أسكته.

وكما كانت اللغة العربية ترتبط الآن بالإسلام، فإن اللغة الأردية في الهند ارتبطت بالمسلمين ارتباطًا وثيقًا، بين أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن العشرين.

تلك اللغة كان يتحدثها عبدول، أثارت شغف الملكة فيكتوريا، وطلبت منه أن يعلمها تلك اللغة، وقد كانت تلميذة مجتهدة، لتبدأ الملكة فيكتوريا بالكتابة بخط يدها باللغة الأوردية.

وكانت تكتب تلك الرسائل لعبدول، وبعض المذكرات الشخصية للملكة، والتي كتبت بنفسه اللغة، و استطاع المؤرخون الوصول إليها، و كانت الرسائل عن الصداقة الكبيرة بين الملكة وعبدول.

ووجود خادم هندي في قصر الملكة فيكتوريا لم يكن سرًا، ولم تستطع أسرتها إبعاد النبأ عن الناس، ولكن ما تم جعله سراً لسنوات طويلة هو أن عبدول لم يكن خادمًا للملكة، بل كان معلمًا روحانيًا لها.

كما اختارت الملكة أن تسميه بلغة الهند “مونشي”، إذ كانت تسير معه في أروقة القصر تحدثه عن مشاعرها وخواطرها وكأنه صديق، بينما هو يخبرها عن الإسلام وعن حياته في الهند.

وكان الشاب المسلم يروي للملكة قصصاً لم تعرف عنها شيء، ولم تسميه الملكة معلمًا لها فقط، بل كانت تناديه في خطابتها بـ«الابن البار» أو «الابن الرائع»، وكانت تنهي خطاباتها بإمضاء «أمك العزيزة» و«أمك المُحبة».

ومن عادة الملوك رسم لوحات فخمة للنبلاء الذين يعتزون بهم، وعلى واحد من أهم الحوائط الملكية في إنكلترا.

و في أحد المباني الخاصة التي كانت تعيش فيها الملكة فيكتوريا، توجد لوحة مصنوعة من الذهب وتجسد عبدول على أنه نبيل في اللوحة، وليس خادمًا، ويمسك أيضًا كتابًا في يديه دليلًا على تمتعه بالعلم والثقافة.

وحاولت الأسرة الملكية الإيقاع بين فيكتوريا وبين عبدول أكثر من مرة، حتى أن الملكة فكرت في إرسال عبدول مرة أخرى إلى الهند، ولكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة.

وأيقنت الملكة أن ما يمثله هذا الشاب المسلم من أهمية في حياتها، عظيم جداً، وقد أعطاها شغفًا بالتعلم والارتقاء بروحها في سنوات عمرها الأخيرة المريرة.

ولكن بعد رحيل الملكة ووداعها الحياة، طردت الأسرة الملكية عبدول وخبأت كل ما يتعلق بمذكرات الملكة، وأرسلوا الشاب إلى الهند، ولكن ما لم تفعله أسرة الملكة هو تمكنها من تخبأة الدلائل الموجودة في مقتنيات الملكة نفسها.

و وجدتها فيما بعد كاتبة هندية وأطلعت العالم عليها لتصنع من خلال قصة في كتاب وفي فيلم سمي: “لاتنظر إلى الملكة”، وفيلم “فيكتوريا وعبدول”، والكثير من الأعمال الفنية المميزة.