مراصد فلكية وجامعات كبرى.. سلاطين مسلمين أقاموا مشاريع علمية وحضارية ضخمة الأول من نوعها تاريخياً

مراصد فلكية وجامعات كبرى.. سلاطين مسلمين أقاموا مشاريع علمية وحضارية ضخمة الأول من نوعها تاريخياً

لايف بوست – منوعات

يتباهى الكثيرون بالحضارات الغربية، ومدى التقدم العلمي الذي وصلت إليه الدول الأوروبية، لاسيما في العصر الحديث.

لكن ما قد لا يعلمه الكثيرون، هو أن الأمة الإسلامية، وصلت إلى تلك الحضارة منذ آلاف السنين، وعن طريق سلاطين عرفوا بابتكارات قد لا تخطر على البال.

ومن بينها على سبيل المثال، مراصد فلكية وأخرى لقياس محيط الأرض وأكبر جامعات في القرون الوسطى، والكثير الكثير من الإنجازات الحقيقية.

والمستعرض لمسيرة السلطة في ذلك الزمن يصل إلى حقائق أن “شرط العلم” كان من محدِّدات الأهلية لولاية الحُكم، وهو ما لخصه عبد الـ.قـ.اهـ.ر البغدادي في كتابه “الفَرْق بين الفِرَق”.

ويقول البغدادي: “العلماء “أوجبوا من العلم له (الخليفة) مقدار ما يصير به من أهل الاجتهاد في الأحكام الشرعية”، فنشأت بشكل لافت شخصية السلطان العالم.

ونستعرض في هذا التقرير، نماذج من سلاطين حضارة الإسلام، بينهم مؤسسين فعليين لدولها المركزية الكبرى في القرون السبعة الأولى من تاريخها.

وفي مقدمة هؤلاء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذي امتلك صيتاً تاريخياً، ساهمت روافعُ العلم في تشييده وإعلاء منسوبه.

و اتفقت كتب التراجم والتاريخ على التنويه بمنزلته العلمية التي نالها من تلمذته على كبار علماء الصحابة.

وشهد نافع مولى ابن عمر، بحقه قائلاً: “لقد رأيتُ المدينة ما فيها شابٌّ أشدُّ تـ.شـ.مـ.يـ.راً ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان”،

ونقل عن الأصمعي، إشادةً من الحسن البصري بخُطبة ألقاها عبد الملك فقال عنها: “لو كان كلام يُكتب بماء الذهب لكان هذا الكلام”.

وفي دولة العباسيين كان الخليفة “الثاني المنصور” يولّي وجهَه نحو مناهل معرفة زمانه قبل تقلُّده السلطة.

و ذكر ابن كثير أن المنصور “كان في شبابه يطلب العلم من مظانِّه والحديث والفقه، فحقق من ذلك جانبا جيدا وطَرَفاً صالحاً”.

ويذكر الصولي، في ‘تاريخ الخلفاء‘- أن المنصور “كان أعلم الناس في زمانه بالحديث والأنساب “.

وقد شكّلت الصورة العلمية للحكام، نافذة تواصل بين السلطة الحاكمة والعديد من الجماعات والأفراد داخل الدولة، وترَك هذا التواصلُ أثره على المشهد العام والسياسات الرسمية والمجال العلمي.

وأراد المنصور، أن يكون متوازناً في سياساته التعليمية، فاهتمّ بامتلاك كتب العلوم وجمَع التراجمة وكلَّفهم بنقلها إلى العربية.

فكان الرجل بذلك -كما يقول الذهبي في ‘تاريخ الإسلام‘- “هو أول خليفة تُرجِمت له الكتب السريانية والأعجمية.

ومع الحضور العلمي والسلطاني للخليفة المنصور، كان هناك في بلاد الأندلس منافسه الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل، الذي قدِّم نموذجاً مميزاً ضمن قائمة الأمراء ذوي العلم.

وكان عبد الرحمن الداخل من بين من ساهموا بتأسيس دول عظيمة في تاريخ الإسلام، على غرار جده عبد الملك بن مروان والمنصور العباسي.

وحين وصل الخليفة هارون الرشيد، إلى الحكم، بعد أن صار من العلم بمكان وصفه ابن الجوزي -في ‘المنتظم‘- بقوله إن الرشيد “حقق علماً كثيراً”.

و شهد المجال الثقافي في الدولة مزيداً من النهوض تجسد في المشروع العلمي الذائع الصيت: “بيت الحكمة” الذي تعود بذرته الأولى إلى أيام جده المنصور.

و بتسلم الرشيد مقاليد السلطة ازداد منسوب الاهتمام بالكتب فجُمعت في خزانة، ووُضع المشروع على مدارج الإ.قـ.لا.ع منتقلاً إلى آفاق ظلت تتوسع باستمرار حتى عهد الخليفة المتوكل.

وفي مصر والشام الأيوبيتيْن، كان للحُكم والعِلم التقاء خاص لدى شخصية ذات حضور بارز في الذاكرة الإسلامية، ألَا وهي السلطان صلاح الدين الأيوبي.

وسجل صلاح الدين ضمن قلة من محدِّثي زمانه ضمّوا إلى رواية الحديث النبوي حفظ الأدب وإنشاد الشعر، فقد “كان يحفظ ‘الحماسة.

ومع اهتمامه العلمي البادي التنوع؛ فإنه على المستوى السياسي والعسكري “ذاع صيته في الدنيا وهابته الملوك”.