زواج العرب قبل الإسلام.. أكثر من 12 نوعاً أبرزها التعدد والبدل والمتعة

كانت عادة الزواج، منذ بداية البشرية، أن يتزوج الذكر من الأنثى في البطن الذي يليه، وتتزوج الأنثى الذكر في البطن الذي يليها، أي لم يكن التوأم يتزوج، وإنما كل منهما يتزوج المولود من البطن الآخر.

وبعد ذلك بدأت فكرة الزواج بالتغيّر مع انتشار أبناء أدم وكثرتهم، واتخذ أشكالاً عديدة، لكن كيف كان الزواج لدى العرب قبل الإسلام، وما هي أنواعه؟ وكيف نظّمه الإسلام.

كان العرب قبل الإسلام لديهم الكثير من أنواع الزواج، والتي يفوق عددها الـ 10 أنواع، وقد نظّم الإسلام أنواعها فيما بعد، إذ كان بعضها يتميز بالفـ.ـوضى وعدم التنظيم حتى أن بعضه كان منافياً للعقل والمنطق.

والأنواع التي سنذكرها، قد وردت في كتاب “تاريخ العرب قبل الإسلام” الذي ألّفه المؤرخ اللبناني محمد قطوش، وتحدث فيه عن مكانة المرأة لدى العرب قبل الإسلام، ثم عن أنواع الزواج لديهم.

مكانة المرأة لدى العرب قبل الإسلام

كان للمرأة لدى العرب قبل الإسلام مكانةً هامة، إلا أن النساء كنّ ينقسمن إلى قسمين، القسم الأول هن النساء الأحرار أو الحرائر، والثاني هنّ الإماء واللاتي يتم تملّكهن من قبل الرجال أو الحرائر.

وقد كان سائداً في شبه الجزيرة العربية قبل ظهور رسالة الإسلام، أن يتم نسبة الابن إلى أمّه، أي أنّ القرابة تكون بصلة الرحم، ولم يكن ينسب الأولاد لآبائهم.

ففي ذلك الوقت، كانت المرأة تتزوج من أكثر من شخص، وكان الرجل يجتمع بامرأة فيتزوجها، ثم يتركها ويتزوج غيرها، فإذا حملت المرأة وأنجبت ولم تعرف والد الطفل نسبت لنفسها.

وقد كان لمنطق “قانون الغاب” الذي كان منتشراً قبل الإسلام، بأن تهـ.ـا جم القبائل القوية الضعيفة وتأخذ نساءها دوراً كبيراً في تلك الفـ.ـوضى الأسرية، وهو ماكان يؤدي لولادة أولاد كثر لا يعرف أباؤهم فينسبون لأمهاتم، وكان ذلك سبباً بظهور قبائل كثيرة في شبه الجزيرة العربية تنسب للأمهات، مثل بنو مزينة، وبنو رقية، وبنو بجيلة، وغيرهم.

وقبل ظهور رسالة الإسلام بوقت قصير، بدأ يظهر النظام الأبوي مقابل تراجع نظام الأمومة، وذلك بسبب الدور الكبير الذي كان يؤديه الرجل للقبيلة في الحياة اليومية والاجتماعية، حسبما يذكر المؤرخ اللبناني.

وقد بدأ النظام الأبوي يتبلور أكثر فأكثر، حتى اتخذ شكلاً يكون فيه الرجال قوامين على النساء، سواء كن حرائر أو إماء.

وقد كان للمرأة الحرة مكانة هامة في المجتمع، ففي زمن السلم كانت تعمل على مساعدة زوجها بالزراعة إن كانت الأسرة في منطقة زراعية، وتقوم بالاعمال المنزلية مثل غزل الصوف وإعداد الطعام والرضاعة وتجهيز الرماح وحلب الإبل والأغنام وغير ذلك.

أما في حالة الحـ.ـرب، فقد كن يرافقن أزواجهن ويقمن بجوار القبب التي توضع بها الأصنام، ويشجّعن الأزواج وينشدون لهم أناشيد حماسية، ويسقوهم ويعالـ.ـجون الجـ.ـرحـ.ـى، وقد كان في هند ابنة عتبة مثال على ذلك عندما كانت ترافق قريش عند لقائهم بالمسلمين.

الإماء لم يكن لهن منزلة جيدة لدى العرب

أما بالنسبة للإماء لدى العرب قبل الإسلام، فقد كن يشتغلن في مهن متنوعة، فمنهن من عملن في الجـ.ـنس أو القينات، أو خادمات للشريفات والحرائر.

ولم يكن العربي يعترف بأولاده من الإماء، ولا ينسبهم له، إلا في حال ظهرت منهم بسالة كبيرة، مثل ما حدث بعنترة بن شداد الذي لم ينل حريته واعتراف والده به إلا بعد أن قدم خدمات كبيرة لقبيلته عبس.

أنواع الزواج عند العرب قبل الإسلام

بعد أن تحدثنا عن مكانة المرأة لدى العرب قبل الإسلام، سنشير الآن إلى أنواع الزواج التي كانت موجودة في ذاك الزمان واستمر إلى أن ظهر الإسلام ونظّم الأسرة والزواج وغير ذلك من حياة البشر.

1- نكاح تعدد الأزواج

كان هذا النوع من الزواج يقوم على أساس زواج المرأة بعدد من الرجال، وقد كان يأخذ العديد من الأشكال، مثل زواج الرهط أو زواج المشاركة، أو زواج صاحبات الرايات.

وأمّا زواج الرهط أو المشاركة، فقد كان يتم بوجود امرأة واحدة يشترك فيها مجموعة من الرجال، وقد سمي بالرهط لأن العدد لا يتعدى العشرة رجال.

ويدخل هؤلاء الرجال على المرأة برضاهم وعلمهم جميعاً، فإذا حملت وأنجبت، أرسلت إلى أولئك الرجال فحضروا إليها جميعاً، ثم تقول لهم :” قد علمتم ما كان من أمركم وقد أنجبت”، وتختار المرأة بعد ذلك واحداً منهم ليكون والداً لطفلها، وتقول له “هو ولدك يا فلان” وليس له أن لا يقبل بذلك.

ويكون إبقاء المولود بشكلٍ مؤكد إن كان ذكراً، أما إن كان أنثى فلا تدعو أولئك الرجال لعلمها أن العرب لن يقبلوا بالأنثى.

2- نكاح صواحبات الرايات

وهو أقرب إلى الدعـ.ـارة في أيامنا هذه، وهو يقوم على أن يجتمع رجال كثر بامرأة واحدة، لا تترفع عن من جاء إليها.

وقد تمت تسميتهن بـ”صواحبات الرايات” لأن أولئك النسوة كن ينصبن الرايات على أبواب مساكنهن ومن أرادهن يدخل عليهن، وإن حملت إحداهن ووضعت، أرسلت لمن جامعوها واختارت أحدهم أباً لابنها وليس له أن لا يقبل.

ولم يكن يسمى أولئك الرجال بالأزواج عند أغلب العرب في مرحلة ما قبل الإسلام، فغايته كانت التسلية ولا صداق فيه أو خطوبة كما جرت عادة العرب، وقد كان يتم بسبب الظروف الاجتماعية التي تسببت بقلة النساء كون معظم القبائل كانت تئد الإناث.

3- الاستبضاع

زواج الاستبضاع، هو نوع من أنواع المشاركة، وفيه يقول الرجل لامرأته إذا كانت طاهرة أن “ابعثي إلى فلان (أحد الفرسان أو الأشراف) فاستبضعي منه، أي اطلبي منه الجماع حتى تحملي منه.

وقد كان السبب في ذلك أمراً مضحكاً، وهو أن تحمل المرأة لزوجها برجل من صلب رجل آخر ذو شأن لاعتقاده أن ذاك الولد سيكون ذو شأن مثل والده البيولوجي.

وكان الرجل لا يقرب زوجته بعد أن تقوم بالـ” استبضاع” حتى يتأكد من حملها.

ويذكر ابن هشام، أن عبد الله بن عبد المطلب، والد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، مرة بامرأة من قبيلة بني أسد، ولما رأته ونظرت في وجهه شاهدت فيه نوراً، فدعته لنفسها على أن تعطيه مئة من الإبل لكنه لم يقبل.

4- زواج الصداق أو البعولة

وكان هذا النوع من أكثر أنواع الزواج انتشاراً لدى العرب قبل الإسلام، وهو يقوم على أسس ما زالت مستخدمة حتى يومنا هذا مثل الخطبة والمهر والإيجاب والقبول.

وبموجب هذا الزواج يكون الرجل بعلاً للمرأة يحميها ويرعاها، وله عليها حقوق وعليه واجبات الأبوة وغيرها من ترتيب الحياة الأسرية.

ويتخذ زواج البعولة نوعين اثنين:

الزواج الأول، وفيه يكون للزوج زوجة واحدة، يخطبها ويدفع مهرها بالتراضي مع أهلها، ثم يعقد قرانه عليها، وقد عرف هذا النوع من الزواج بمتانته واستمراره، فكان فيه على الزوجة أن تحفظ زوجها وعفافها، ويكون فيه الطـ.ـلاق للرجل.

أما النوع الثاني من زواج البعولة، ففيه يكون للزوج أكثر من زوجة، وهو ما يقابله “تعدد الأزواج” للزوجة الواحدة، أي أن التعدد لدى العرب قبل الإسلام كان للرجال والنساء على حد سواء.

وقد انتشر هذا النوع قبل الإسلام بقليل، وكان امتيازاً للزعماء والأثرياء، ويروى على سبيل المثال أن الصحابي غيلان الثقفي لما أسلم بعد فتح الطائف كان في ذمته عشر زوجات.

5- الزواج بالميراث

ويدعى أيضاً بـ” نكاح الضيزن أو المــقـ.ـت أو العضل”، وهو يعني أن يتزوج الابن الأكبر من زوجة والده بعد أن يتوفّى، وتعتبر الزوجة هنا كجزء من الميراث تذهب للابن الأكبر، وكانت الغاية هي الحفاظ على ثروة الأسرة والعشيرة.

وكان الحال يسير على أن يقوم الابن الأكبر للأب أو أحد أقاربه إن لم يكن له ولد بوراثة الزوجة كأنها مال، وإن أراد تزوج منها أو لا يتزوجها ولا يتركها تتزوج بغيره حتى تتـ.ـوفى فيرثها، أو إن أراد جعلها تدفع مالاً ليتركها تتزوج.

ويسمى الرجال الذي يخلف والده على امرأته باسم “الضيزن” أما مولود هذا الزواج فيسمى بالـ”مقتي” وكان العرب يمقـ.ـتون هذه الزيجة، لذلك لم تكن منتشرة بشكلٍ كبير.

6- زواج المتعة

لا يختلف زواج المتعة قبل الإسلام عن زواج المتعة الذي مازال منتشراً لدى بعض الناس في العالم، وكان ذلك الزواج بأجل محدد، إذا بلغ تم الطـ.ـلاق به.

وكان يعرف زواج المتعة في الجاهلية وبعد ظهور الإسلام، وهو ما زال محل جدل لدى بعض الفرق الإسلامية، فمنهم من يقول بجوازه مثل الشيعة ومنهم من يحـ.ـرمه مثل السنة.

وكان هذا الزواج قد انتشر بسبب الأسفار والحـ.ـروب، فكان الرجل يتزوج المرأة لأجل معين بصداق معلوم ينتهي الزواج بانتهاء المدة، وكان للمرأة أن تعتّد بعده.

وينسب أبناء المتعة في الغالب لأمهاتهم، لأن الرجل يرحل عن الأم، لكن يبقى لهم الحق في الانتساب للأب والحق في الإرث منه، رغم أن هذا الزواج لم يكن متيناً كونه يسمح للمرأة بتعدد العـ.ـلاقات الجـ.ـنسـ.ـية عندما تنتهي مدة هذا الزواج، حسبما يذكر كتاب “تاريخ العرب قبل الإسلام” للمؤرخ اللبناني محمد قطوش.

7- نكاح البدل أو التبادل

وكان هذا الزواج كما هو اسمه يقوم على التبادل، أي تبادل الزوجات بين الرجال، كأن يقول الرجل لآخر ” انزل لي عن زوجتك وأنزل لك عن زوجتي” أو “بادلني زوجتك أبادلك زوجتي” وتكون هذه المبادلة بغير مهر، وأحياناً تكون لمدة مؤقتة.

8- نكاح السبي

وقد كان الرجل إذا سبى امرأة له أن يتزوجها من غير خطبة ولا مهر، وليس لها أن لا تقبل ما دامت تعتبر من أملاكه، ولا يحتاج هذا النوع من الزواج لرضا أهل المرأة، فهو كان يعتبر بمثابة “حق المحـ.ـاربين المنتصرين في نساء المغلوبين” إلا إذا تم تحرير المرأة بفداء أو عـ.ـنوة، حسب كتاب “تاريخ العرب قبل الإسلام”.

وقد كان هذا الزواج من الأكثر شهرة عند العرب، وكانت المرأة في هذه الحالة يتم تسميتها بـ”النزيـ.ـعة” ويسمى ابنها بالـ”نزيع”.

9- نكاح الإماء
والمقصود به أن يتزوج الرجل من أمته، ولا يجوز للأولاد من هذا الزواج أن يلتحقوا بنسب والدهم إلا لو كان لهم صفات حميدة بارزة أو شجاعة أو قدموا خدمات كبيرة للقبيلة، مثل ما حدث مع عنترة بن شداد.

ويطلق على ابن الأمة من هذا الزواج اسم “هجين” وهو من كان أبوه عربياً وأمه أمة، وقد كان العرب لا يرغبون بأن تنجب إماؤهم منهم.

10– نكاح الخدن

وهو لا يعتبر زواجاً، بقدر ما يعتبر علاقة خارج الزواج، ففيه يسعى الرجل لاتخاذ خليلة أو المرأة تسعى لاتخاذ خليل خارج إطار الزواج، ويسمى بنكاح الخدن، وذلك أن ليس فيه صداق ولا عقد ولا خطبة، وقد ورد النهي عن هذا الزواج في القرآن الكريم بالنص الصريح.

11- نكاح المضامدة

وفي هذا تعمد المرأة المتزوجة إلى إقامة علاقة واتصال مع رجل غير زوجها، سواء كان واحداً أو أكثر، وكان منتشراً بين نساء القبائل الفقيرة في أيام القحـ.ـط.

وكانت النساء تدخل الأسواق العامة للبحث عن رجل ثري تختص به حتى يعطيها مالاً وطعاماً بعد أن تقيم معه، وثم تعود لزوجها الأول.

12- زواج الشغار

ويقوم هذا النوع من الزواج على أن يزوج الرجل أخته أو ابنته لرجل آخر، مقابل أن يتزوج أخت الآخر دون مهر بينهما.

المصادر: نداء تركيا – مدى بوست