المولد النبوي: اختلاف في مظاهر الاحتفال وإجماع على خاتم الأنبياء

المولد النبوي: اختلاف في مظاهر الاحتفال وإجماع على خاتم الأنبياء

يشهد العالم في ١٤٤٣ للعام الهجري الجديد، احتفالات بالمولد النبوي الشريف، وباستثناء بعض الدول، تشهد دول وشعوب العالم الإسلامي، مع دخول ربيع الأول من كل سنة، مظاهر احتفالية متنوعة بهذه المناسبة.

ويحتج المعارضون لفكرة الاحتفال بذكرى مولد الرسول محمد، بعدم وجود أي دليل شرعي على شرعية هذا الاحتفال، ويعتبر الممـ.تـ.نـ.عون عن الاحتفال، أن القيام به مخالفة لما اعتاده المسلمون طيلة عهد الرسول، ومن تبعه من الخلفاء الراشدين.

ويصف العلماء من معتـ.نـ.قي هذا الرأي، الاحتفال بالمولد النبوي، وما يتعلق بـ “البدعة المستحدثة”، وفيه تـ.أ.سـ.ي بالنصارى واختلاط بطقوس وثـ.نـ.يـ.ة.

لكن المدافعون عن صحة فكرة الاحتفال بالمولد، يؤكدون أن هذه العادة وإن كانت مستحدثة، تتيح فرصة للإكثار من ذكر الرسول، وتسمح هذه العادة وفق مؤيدي الاحتفال، إلى تذكر محاسن سيرة الرسول، والزيادة من التعلق به وحبه.

ويعتبر المؤيدون للاحتفالات، ما يتخللها، من عمل خيري وإطعام للطعام، واجتماع على الخير كالذكر وقراءة القرآن، بدعة حسنة.

ووفق معظم المصادر، فإنّ أول احتفال بذكرى مولد الرسول محمد ﷺ، كان في عهد حكم العبيديين، وأقام هؤلاء عدة مناسبات احتفالية، لم تكن موجودة في السابق، من قبيل رأس السنة الهجرية وعاشوراء.

وكان الخليفة الفاطمي، المعز لدين الله، نظّم أول احتفال بالمولد النبوي عام 362هـ، بعد دخوله مصر ببضعة أشهر، وكان هدف الخليفة من إقامته للاحتفال، تقريب المصريين إليه وضمان انقيادهم لحكمه وسلطته.

على جانبي الشارع التاريخي، الذي يقع قرب منطقة القاهرة الفاطمية، يجلس صانعو الحلوى أمام محالهم، وتُعرض منتجات حلوى المولد على رفوف خشبية، وإلى جانبها منتجات عديدة من المكسرات المسقية بالعسل.

لا يمكن الحديث عن القسم الاحتفالي بالمولد، دون الوقوف عند هذه الحلوى التي تحافظ عليها دروب مصر العتيقة.

وتذهب بعض المصادر إلى نسبة أول احتفال بذكرى المولد النبوي إلى عهد الملك “المظفّر” صاحب أربيل بمنطقة كردستان.

ورغم محاولة صلاح الدين الأيوبي، مـ.حـ.و آثار الفاطميين، وحظر جل ما أقروه من احتفالات، إلا أن ذلك لم يفلح في ا.نـ.د.ثـ.ار الاحتفال بالمولد.

وأدى ذلك إلى انتقال الاحتفالات إلى أماكن أخرى خارج مصر، عبر المبادرات الشعبية أو من خلال سعي الحكام إلى استدرار الشرعية.

وأبرز من يَنسب إليه التاريخ ببعث هذه الاحتفالات من جديد، هو حاكم أربيل مظفر الدين كوكبوري، وتذهب بعض المصادر إلى درجة اعتبار كوكبوري، أول من قام بالاحتفال رسميا بالمولد النبوي.

وفي أواخر العصر المملوكي حرص السلاطين على إقامة الاحتفالات بالمناسبات الدينية، وعلى الاحتفال بالمولد النبوي بشكل خاص، ولكن الطابع المميز للمولد النبوي في العصر المملوكي كان الاتجاه للبـ.ذ.خ والإ.سـ.ر.ا.ف في مظاهر الاحتفال، فقد تبارى السلاطين في الإنفاق عليه.

واتخذ الاحتفال في عهد الخلافة العثمانية شكلا آخر، حيث كان يُحتفل بالمولد كل عام في مسجد معين.

والعهد العثماني شهد خفوتا نسبيا في الاحتفال بالمولد النبوي، و كان يتم على مستوى “الدولة” فقط وليس على المستوى الشعبي.

وكان الاحتفال بالمولد النبوي، يتم من خلال اجتماع السلطان والمسؤولين الرفيعي المستوى في القصر، ويحضر عالم يلقي موعظة عن النبي ﷺ.

لكن الدولة العثمانية عبّرت عن قدر من الاهتمام بهذه الذكرى من خلال تحويله رسميا إلى يوم عطلة رسمية منذ أواخر القرن الـ16.

وبدءاً من العام 1910 توسعت دائرة الاحتفال أكثر، حيث بات يُسمح تدريجيا للناس بالتجمع بعد صلاة العشاء للاحتفال في إحدى المساجد العثمانية.

والدولة التركية، وريثة العثمانيين، ورغم علمانيتها الرسمية، باتت تتميّز بالاحتفال بالمولد النبوي مرتين في السنة وليس مرة واحدة.

فالاحتفال الأول يتم في الثاني عشر من شهر ربيع الأول للسنة الهجرية، وكذلك خلال شهر أبريل/نيسان، كون الرسول ولد بتاريخ 20 أبريل/نيسان من عام 571 للميلاد.

المصادر: الجزيرة مباشر – الجزيرة الوثائقية