مع استمرار تراجع الليرة التركية.. أبرز الأسباب والتداعيات التي تؤثر على الاقتصاد التركي

مع استمرار تراجع الليرة التركية.. أبرز الأسباب والتداعيات التي تؤثر على الاقتصاد التركي

على رغم من الأخبار الإيجابية التي تنقلها وسائل إعلام تركية، عن الوضع الاقتصادي فيها، من حيث ارتفاع معدلات النمو، وكذلك زيادة الصادرات السلعية، إلا أن ارتفاع التضـ.خـ.م مستمر في الاقتصاد التركي.

ورغم التطور المستمر في الصناعات الدفاعية، ومختلف النواحي، إلا أن الليرة التركية، تعاني من انخفاض في قيمتها لا يخفى على أحد، لدرجة بدأ الكثير يعيد حساباته خلال التعامل بعملة تركيا.

وتعتبر قضية الطـ.اقـ.ة واحدة من القضايا المؤرقة للاقتصاد التركي، إذ تعتمد البلاد على استيراد احتياجاتها من النفط بنسبة كبيرة تقدر في بعض الأحيان بنحو 90%.

و جعلها ذلك تتجه لتشجيع توليد الطاقة من المصادر الأخرى للطاقة (الشمسية، والحرارية، والرياح، والنووية)، ومؤخراً تم الإعلان عن اكتشاف كميات من الغاز الطبيعي في بعض حقول البحر الأسود.

و هذه الكميات من الغاز تصل لتغطية احتياجات البلاد لنحو 8 سنوات، ومن هنا وجدنا تركيا حريصة على حقوقها في منطقة غاز شرق المتوسط، وكذلك حقوق قبرص التركية.

ومن نقاط الضعف، التي يعاني منها الاقتصاد التركي، اعتماد القـ.طـ.اع الخاص على التمويل الخارجي بشكل كبير.

وفي الوقت الذي نجد فيه قيمة الدين الخارجي للبلاد تصل إلى 440 مليار دولار، وفق أرقام قـ.اعـ.دة بيانات البنك الدولي عن عام 2019، إلا أن القـ.طـ.اع الخاص يستحوذ على نحو 65% من هذه الديون.

ومما يزيد من هذه الإشكالية، أن القـ.طـ.اع الخاص لديه حصة ضـ.اغـ.ط.ـة في ملف الديون، من حيث اعتماده على الديون قصيرة الأجل، وهو ما يخلق ضـ.غـ.وطـ.اً مستمرة وسريعة في الطلب على الدولار.

ولوحظ مؤخراً، أن قرارات السياسة النقدية فيما يتعلق بسعر الفائدة، أحدثت ارتباكاً في السوق، سواء فيما يتعلق برفع سعر الفائدة أو انخفاضها، وإن كانت الأمور على مدار الشهور الستة الأخيرة أكثر استقراراً.

وحافظ البنك المركزي على سعر صرف عند 19%، ولم يخفض هذا السعر إلا خلال سبتمبر/أيلول الماضي بنحو 1%، ليصبح سعر الفائدة 18%.

ووفق بيانات البنك المركزي التركي، بلغ معدل التـ.ضـ.خـ.م في سبتمبر/أيلول 2021، نسبة 19.85%، وهو معدل مرتفع، وتسعى الحكومة إلى خفضه إلى قرابة 16% بنهاية 2021.

ولكن تحليل الواقع الاقتصادي يكشف لنا أن التـ.ضـ.خـ.م في تركيا يأتي من جانبي العرض والطلب معاً، بمعنى أن سعر الفائدة مرتفع، حتى بعد خفضه إلى 18% في سبتمبر/أيلول الماضي.

وارتفاع سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والخدمات، وبخاصة إذا ما كان الاقتصادي يعتمد على الائتمان المصرفي بشكل كبير.

ومن جانب آخر، فإن انخفاض قيمة العملة المحلية يؤدي إلى انخفاض القيمة الشرائية لها، وبالتالي يزيد التـ.ضـ.خـ.م من جانب الطلب، ومما يخشى منه خلال الفترة القادمة في ظل اتجاه أسعار النفط للارتفاع أن يزيد ذلك من استمرار معدل التـ.ضـ.خم مرتفعا لفترة طويلة.

ولعل سياسة تخفيض أسعار الفائدة تكون أحد الأدوات لحل المشكلة، ولكنها في حالة تركيا تحتاج إلى تدرج، والأخذ بالحسبان فترة زمنية لا تحدث حالة من القـ.لـ.ق لدى المدخرين، وحائزي العملات الأجنبية.

وتعاني الليرة التركية منذ عام 2014 من انخفاض مستمر في قيمتها، ويرجع ذلك إلى مجموعة من الاعتبارات السياسية والاقتصادية، وكان في مقدمتها الأوضاع الإقليمية التي دفعت الحكومة التركية لوجود قوات عسكرية في كل من العراق وسوريا لقضايا تتعلق بالأمن القومي التركي، والحفاظ على مقدرات سيادة الدولة.

ولكن ما المخرج؟ من الصعب أن يواجه صانع السياسة النـ.قـ.دية معالجة مشكلة التـ.ضـ.خم من طرفيها، العرض والطلب، ولكن التدرج مطلوب، ومن أهم أدوات العلاج إيجاد حالة من الثقة مع أفراد المجتمع، كون الحكومة تسعى لتحقيق مصالحهم، لمواجهة إشـ.كـ.الـ.يـ.ات “الدولرة”، أو الاكتناز.

كما أن المطلوب تخفيض قيمة اقـ.تـ.راض القـ.طـ.اع الخاص من الخارج، والتركيز على التمويل بالمشاركة، وإعطاء مساحات أكبر للتمويل الإسلامي، وتشجيع الأفراد على التعامل بعيدا عن النـ.قـ.د الأجنبي وقـ.صـ.ر التعاملات على العملة المحلية.

 

المصدر: الجزيرة نت